«الزهرة رقي” رمز شهيدات الحقبة

تحتفظ الذاكرة الجماعية لسكان مدينة قالمة بالعديد من القصص الأليمة من تلك الأحداث المأسوية، ومنها الطريقة الوحشية التي أعدمت بها “الزهرة رقي” من قبل المليشيات الدموية الفرنسية بعد قطع أجزاء من جسمها إلى جانب أخويها “محمد وحفيظ” ثم أحرقت بالفرن.
بعد التنكيل والتمثيل بالجسد المنهك، قتلت فاطمة الزهراء رقي، وألقيت جثتها قرب مزرعة مع أخويها وضحايا آخرين من ضحايا 8 ماي، وبقيت الجثث هناك أياما طويلة تنهشها الذئاب، حتى صدرت أوامر بحرقها في أفران الجير لطمس معالم الجريمة، عندما حلّت لجنة تحقيق دولية بالمنطقة للوقوف على حجم الإبادة التي تعرض لها سكان منطقة قالمة ومناطق أخرى من الوطن المغتصب.
وتعتبر “فاطمة الزهراء رقي” رمزا للشجاعة والحرية بمدينة قالمة، تصدّت للاستعمار الفرنسي بدينها وعادات أجدادها، وعلمها وثقافتها وشجاعتها التي كسّرت عناد المعمّرين، وكشفت حقدهم الدفين تجاه كل من ينشد الحرية والكرامة. 
ومن بين شهيدات 8 ماي 45 بقالمة شرفي فاطمة، فاسي نفيسة، زوايمية زينب وزوايمية مسعودة، وشهيدات أخريات ذهبن ضحية الانتقام الجنوني الذي أطلقته ميليشيا “آشياري” المجرم بسهل سيبوس الكبير، أين كان يعيش أغلب المعمرين القادمين من فرنسا ومالطا بعد الاستيلاء على أجود الأراضي الزراعية وإقامة مزارع كبرى، ولعبت المرأة القالمية دورا كبيرا في انتفاضة 8 ماي 45، ساندت الرجل ودفعت به المشاركة القوية في المسيرة السلمية التي جابت شوارع المدينة للاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية وتذكير فرنسا بوعود الاستقلال، وعندما تحوّلت الانتفاضة السلمية إلى مجزرة مروعة، كانت المرأة حاضرة ووقفت بقوة لصد العدوان المقيت وحماية الرجال الهاربين من مليشيا الموت، وتجفيف دموع الأطفال اليتامى، الذين فقدوا أمّهاتهم وآبائهم في واحدة من أبشع المجازر ضد الإنسانية في التاريخ الحديث.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024
العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024